قوله عز وجل: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ (ما) في موضع نصب إمَّا على البدل من الضر والنفع، أو على الاستثناء، والاستثناء متصل، وقيل: هو منقطع، أي: ولكن ما شاء الله من ذلك كائن، فكيف أملك لكم الضرر وجلب العذاب (١)؛
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا﴾ انتصابهما على الظرف، بمعنى وقت بياتٍ، وفي وقت أنتم مشتغلون بطلب المعاش والكسب، كقوله: ﴿بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ﴾ (٢)، ﴿ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ (٣).
والبيات: اسم واقع موقع المصدر وهو التبييت، كالكلام والسلام بمعنى التكليم والتسليم ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ (٤).
وقوله: ﴿مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ﴾ لك أن تجعل ﴿مَاذَا﴾ اسمًا واحدًا بمعنى أي شيء؟ ومحله إما النصب بقوله: ﴿يَسْتَعْجِلُ﴾ أو الرفع بالابتداء، والخبر الجملة التي بعده، وهي ﴿يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ﴾.
والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ على الوجه الأول لله جل ذكره بمعنى: أي شيء يستعجل المجرمون من الله؟ وعلى الثاني للعذاب يعضده: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ (٥).
والمعنى: أن العذاب كله مكروه، مُر المذاق، وموجب للنفار، فأي شيء يستعجلون منه، وليس شيء منه يوجب الاستعجال؟ وهو العائد إلى المبتدأ، أعني الضمير في ﴿مِنْهُ﴾، كقولك: زيد شكرت منه.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٩٧.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٩٨.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٦٤.
(٥) من الآية التالية.