وإن نصبتها [كنت فاصلًا] بين الحال وذي الحال بأجنبي منهما.
ولا بقوله: ﴿أَخْرَجَ﴾ لما ذكرت آنفًا، ولما يقع فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بقوله: ﴿وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾، لأن الموصول لا يعطف عليه حتى يتم بصلته، و ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ من تمام الموصول؛ لأنه معمول ما في الصلة، وكل ما يتصل بما في الصلة كان من جملتها.
ولا بـ (الطيباتِ)، ولا بـ ﴿الرِّزْقِ﴾ لما ذكرت من أنك تفصل بين الابتداء والخبر، أو بين الحال وذي الحال بالأجنبي، فاعرفه فإنه من أسرار هذه الصناعة.
ولأبي الحسن أن يقول: إن المفصول به هنا ظرف، ولا يمنع الفصل بالظرف بين العامل والمعمول وإن كان أجنبيًا منهما بخلاف المفعول به، ولذلك لم يجيزوا: كانت زيدًا الحمى تأخذ، إن رفعت الحمى بكان، للفصل بين كان واسمها بأجنبي منهما وهو زيد الذي هو مفعول معمولها (١)، ولو كان مكان المفعول به ظرف لأجازوا نحو قولهم: إن في الدار زيدًا قائم، فأجازوا الفصل بالظرف كما ترى وإن كان أجنبيًا بين العامل والمعمول؛ لأن الظروف يجيء فيها من التوسع ما لا يجيء في غيرها، ألا ترى أنهم يفصلون بها بين المضاف والمضاف إليه كبيت الكتاب:
٢٢٢ - هُما أَخَوا في الحربِ مَنْ لا أَخَا لَهُ.............................. (٢)

(١) في الأصل: الذي هو مفعول لها.
(٢) لشاعرة من شواعر العرب ترثي به ابنها، وشطره الثاني:
......................... إذا خاف يومًا نبوة فدعاهما
ونسبه سيبويه ١/ ١٨٠ إلى درنا بنت عبعبة، ونسبه أبو تمام كما في شرح المرزوقي ٢/ ١٠٨٢ إلى عمرة الخثعمية. وانظره أيضًا في الخصائص ٢/ ٤٠٥. والمفصل / ١٢٣/. وشرحه ٣/ ٢١. والإنصاف ٢/ ٤٣٤.


الصفحة التالية
Icon