ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف كما ترى (١).
وقد أجازوا الفصل بالجمل المؤكدة أيضًا نحو قولك: خرج والله زيد، فوالله جملة من القسم، إذ هو في تقدير أحلف بالله، وقد فصل بها بين الفعل والفاعل، وذلك لأجل أنها كانت تؤكد معنى الكلام الذي هو (خرج زيد)، جرى ذكرها مجرى ما يناسب الفعل والفاعل، فلم يكن فصلًا بالأجنبي في الحقيقة، وكذلك ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ليس بأجنبي في الحقيقة؛ لأنه مما يسدد القصة ويؤكدها، وفي نحو هذا أحكام وتفاصيل يطول الكتاب بذكرها، [ولا يليق بنا ذكره، لأن فيما قلته كفاية لمن له فهم ومعرفة بالعربية] (٢).
﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ (ما ظهر) و (ما بطن) ﴿مَا﴾: فيهما موصول، وموضعهما نصب على البدل من الفواحش. وكذلك موضع ﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا﴾ و ﴿وَأَنْ تَقُولُوا﴾: نصب عطفًا على ﴿الْفَوَاحِشَ﴾، كأنه قيل: حرم الفواحش، وحرم الإِشراك به، والقول عليه بما لا يجوز من التحريم وغيره.
والفواحش: ما تعلق بالفروج عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٣).
والإِثم: عامّ لكل ذنب، وقيل: شرب الخمر، عن عطاء (٤).
(٢) ورد ما بين المعكوفتين في (ب) و (ط) هكذا: (ولا يليق ذكرها هنا، وما ذكرت فيه كفاية لمن له قلب ويعرف العربية).
(٣) كونه خاصًّا بالزنى ذكره الماوردي ٢/ ١٨٦. وابن الجوزي ٣/ ١٤٨ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وعن الحسن، والسدي.
(٤) ذكره في النكت والعيون ٢/ ٢٢٠ دون نسبة، وعزاه في زاد المسير ٣/ ١٩١ إلى الحسن، وعطاء. وقد رده كثير من المفسرين.