وقوله: ﴿وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ﴾ (ما) نافية أيضًا، واختلف في الضمير في ﴿مِنْهُ﴾ فقيل: لله جل ذكره (١)، بمعنى: وما تقرأ أنت يا محمد من الله، أي: مما أنزله من قرآن، وقيل: للشأن (٢)؛ لأن تلاوة القرآن شأنٌ من شأنِ رسول الله - ﷺ -، [وهو معظم شأنه - ﷺ -]. أو للتنزيل (٣)، كأنه قيل: وما تتلو من التنزيل من قرآن، لأن كل جزء منه قرآن، وجاز ذلك - وإن لم يجر له ذكر - على وجه التفخيم؛ لأن الإضمار قبل الذكر تفخيم له.
و﴿مِنْ قُرْآنٍ﴾ مفعول ﴿تَتْلُو﴾، و ﴿ومِنْ﴾ توكيد.
وقوله: ﴿وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ﴾ أي: عملًا، أيّ عمل كان من خير أو شر. ﴿إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا﴾ شاهدين رقباء نحصي عليكم.
وقوله: ﴿إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ (إذ) ظرف لقوله: ﴿شُهُودًا﴾ و ﴿تُفِيضُونَ﴾ من أفاض في الحديث إذا اندفع فيه، والضمير في ﴿فِيهِ﴾ للعمل.
وقوله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ﴾. (ما) نافية أيضًا، أي: وما يبعد وما يغيب، يقال: عَزَبَ عني فلان يَعْزُبُ ويَعْزِبُ بالضم والكسر عُزوبًا، إذا بعد وغاب، وعزبت الإبل، إذا بعدت في المرعى، ومنه: الكلأ العازب.
وقوله: ﴿مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ الجار والمجرورد في موضع رفع بـ ﴿يَعْزُبُ﴾. ومثقال الشيء ما وازنه من مثله. والذرة: واحدة الذرّ، والذرُّ: صغار النمل.
وقوله: ﴿وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ﴾: قرئ بفتح الراء فيهما، وبالرفع (٤) فالفتح من وجهين:
(٢) قاله الزجاج ٣/ ٢٦. وانظر معاني النحاس ٣/ ٣٠١. وزاد المسير ٤/ ٤٢.
(٣) يعني كتاب الله، وهو قول الطبري ١١/ ١٢٩.
(٤) قرأ حمزة، ويعقوب، وخلف بالرفع فيهما، وقرأ الباقون بالنصب. انظر السبعة / ٣٢٨/. والحجة ٤/ ٢٨٤. والمبسوط/ ٢٣٤/. والتذكرة ٢/ ٣٦٦.