والثالث: المخففة من الثقيلة، ومحلها الرفع بمعنى: هو أنه لا تعبدوا إلّا الله.
وقيل التقدير: في الكتاب ألا تعبدوا إلّا الله، فتكون أن في موضع رفع بالابتداء، وفي الكتاب الخبر.
وقوله: ﴿إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾: اللامُ ومِنْ كلاهما من صلة ﴿نَذِيرٌ﴾، والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ لله جل ذكره، أي: أنذركم من الله ومن عذابه إن كفرتم، وأبشركم بثوابه إن آمنتم.
ولك أن تجعل ﴿مِنْهُ﴾ في موضع الحال لتقدمه على الموصوف وهو ﴿نَذِيرٌ﴾، والأصل: نذير منه، أي: كائن منه، فلما قُدِّمَ نصب على الحال.
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا﴾ عطف على ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا﴾ (١)، أي: آمركم بالتوحيد والاستغفار، وما بينهما اعتراض، وهو: ﴿إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾.
وقوله: ﴿يُمَتِّعْكُمْ﴾ مجزوم على جواب الأمر، وهو في الحقيقة جواب شرط محذوف، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
و﴿مَتَاعًا﴾: اسم واقع موقع المصدر الذي هو التمتيع.
وِقوله: ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾: (ويؤت) عطف على ﴿يُمَتِّعْكُمْ﴾، و ﴿فَضْلَهُ﴾ مفعول ثان لـ ﴿وَيُؤْتِ﴾.
(٢) انظر إعرابه للآيات (٤٠) و (٥٨) و (٦١) و (٦٨) من "البقرة".