قيل: والمعنى: ويعط في الآخرة كل من كان له فضل في العمل وزيادة فيه جزاء فضله لا يبخس منه، أو فضله في الثواب، والدرجات تتفاضل في الجنة على قدر تفاضل الطاعات (١).
وقيل: الضمير في (فضله) لله عز وجل على: ويعط كل ذي عمل صالح تفضله، أي: ثوابه الجزيل (٢).
وقوله: ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أصله: وإن تتولوا، فحذف إحدى التاءين كراهة اجتماع المثلين في صدر الكلمة.
وقرئ: (وإن تُولُوْا) بضم التاء واللام (٣) من وَلَى.
﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ الجمهور على فتح الياء وضم النون، وماضيه ثَنَى، من ثنيت الشيء ثنيًا، إذا عطفته، بمعنى: يطوون صدورَهم ويعطفونها على عداوة رسول الله - ﷺ - (٤). وقيل: على الكفر (٥). وقيل: على حديث النفس (٦).
أو من ثنيت عِناني، إذا كففته، يقال: جاء ثانيًا من عنانه (٧)، بمعنى: يَزْوَرُّون عن الحق وينحرفون عنه؛ لأن مَن أقبل على الشيء استقبله بصدره، ومن ازْوَرَّ عنه وانحرف ثنى عنه صدره، وطوى عنه كَشْحَه (٨).
(٢) انظر معالم التنزيل ٢/ ٣٧٣. والمحرر الوجيز ٩/ ١٠٤. وزاد المسير ٤/ ٧٥.
(٣) قرأها اليماني، وعيسى بن عمر. انظر المحرر الوجيز ٩/ ١٠٥. والبحر المحيط ٥/ ٢٠١.
(٤) هذا قول الفراء ٢/ ٣. والزجاج ٣/ ٣٨. وعزاه ابن الجوزي ٤/ ٧٧ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٥) هذا قول مجاهد كما في النكت والعيون ٢/ ٤٥٧. وزاد المسير ٤/ ٧٧.
(٦) حكاه النحاس في معانيه ٣/ ٣٢٩. والماوردي ٢/ ٤٥٧ كلاهما عن الحسن.
(٧) الصحاح (ثنى).
(٨) الكَشْحُ: ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف. وطوى عنه كشحه: قطعه.