من حاكيه، أو من قارئه؛ لأنه لا يقال: ثنأت كذا بمعنى تثنيته (١).
قلت: يحتمل أن يكون من ثنيت، إلّا أنه لما دخلت النون المشددة للتأكيد، وحذفت نون الإعراب للبناء، وحركت الواو بالضم لسكونها وسكون أول النون المشددة، همزت الواو لانضمامها وإن كانت حركتها عارضة إجراء للحركة العارضة مجرى الحركة الأصلية، كما أجريت الألف المزيدة في النسب مجرى الأصلية في القلب، فقيل: دنيوي، كما قيل: مَرمويٌّ، وأجريت الأصلية مجرى المزيدة في الحذف فقيل: موسيّ، كما قيل: دُنِيٌّ وحُبلى، فاعرفه فإنّ فيه أدنى غموض.
وقوله: ﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ اللام من ﴿يَثْنُونَ﴾، والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ لله جل ذكره، وقيل: للنبي - ﷺ - (٢).
وقيل: اللام من صلة محذوف دل عليه المعنى، أي: ويريدون ليستخفوا منه، ونظير إضمار يريدون لقود المعنى إلى إضماره، الإضمارُ في قوله تعالى: ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾، أي: فضرب فانفلق (٣).
وقوله: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ﴾ في عامل (حين) وجهان:
أحدهما: محذوف، أي: ألا حين يستغشون ثيابهم، ويريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابهم أيضًا كراهةً لاستماع كلام الله تعالى، أي: يلبسونها ويتغطون بها، يقال: استغشى بثوبه وتغشى، أي: تغطى به.
والثاني: ﴿يَعْلَمُ﴾.
﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦)﴾:
(٢) أخرج الطبري ١١/ ١٨٣ القولين، ورجح ١١/ ١٨٥ عود الضمير إلى اسم الله عز وجل. وانظر المحرر الوجيز ٩/ ١٠٧. وزاد المسير ٤/ ٧٨.
(٣) الكشاف ٢/ ٢٠٧. والآية من الشعراء (٦٣).