الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)}:
قوله عز وجل: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ من صلة ﴿خَلَقَ﴾.
قال أهل التأويل: والمعنى: خلقهن لحكمة بالغة، وهي أن يجعلها مساكن لعباده، وينعم عليهم فيها بفنون النعم، ويكلفهم الطاعات واجتناب المعاصي، فمن شكر وأطاع أثابه، ومن كفر وعصى عاقبه (١).
ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾، يريد: ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم كيف تعملون؟ وانتصاب قوله: ﴿عَمَلًا﴾ على التمييز.
وقوله: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ اللام في (لئن) لام لتوطئة القسم، والقسم محذوف، وليست للقسم كما زعم بعضهم، و (إن) للشرط، و ﴿لَيَقُولَنَّ﴾ جواب القسم، وقد سد أيضًا [مسد] جواب الشرط، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
ونظيره: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا﴾ (٣)، وجواب القسم ﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ﴾.
والجمهور على كسر الهمزة في قوله: ﴿إِنَّكُمْ﴾ لأنها بعد القول، وحكى صاحب الكتاب رحمه الله فتحها (٤)، على تضمين ﴿قُلْتَ﴾ معنى ذكرت، كما يضمن ذكرت معنى قلت.
فإن قلت: لم فُتِحَت اللام في الفعل الأول في قوله: ﴿لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وضُمن في الثاني في قوله ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ (٥)؟.
(٢) انظر إعرابه للآية (١٨) من الأعراف.
(٣) من الآية (٩) الآتية بعد قليل.
(٤) انظر مذهب سيبويه، وجواز فتح همزة (إن) بعد القول: الكتاب ٣/ ١٤٢ - ١٤٣. وحكاه عنه - عند هذه الآية - النحاس في إعرابه ٢/ ٨٠. وقال الزمخشري ٢/ ٢٠٨ إنه قراءة. وتبعه أبو حيان ٥/ ٢٠٥. والسمين ٦/ ٢٩١ دون نسبة.
(٥) من الآية التالية.