قوله عز وجل: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ﴾ (مَن) شرط في موضع رفع بالابتداء، و ﴿نُوَفِّ﴾ جواب الشرط.
وقرئ: (نُوفي) بالتخفيف وإثبات الياء (١)؛ لأن الشرط وقع ماضيًا، وإذا كان الشرط ماضيًا والجواب مضارعًا يجوز الجزم والرفع:
أما الجزم: فعلى الظاهر لأجل أن الأصل أن تجزم، وإنما لم تجزم الشرط، لامتناع الجزم في الماضي.
وأما الرفع: فلأجل أن الجزاء تابع للشرط، فلما لم يظهر الجزم في الشرط حيث كان ماضيًا حمل الجواب عليه، فلم يجزم، وترك على أول أحواله وهو الرفع، فهو موفوع في اللفظ مجزوم في المعنى، وقد ذكر في "آل عمران" عند قوله: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ﴾ (٢)، وعليه أُنشد قول زهير:
٢٩٨ - وإن أتاهُ خليلٌ يومَ مسألةٍ | يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ (٣) |
وقرئ أيضًا: (يُوفِّ) بالياء النقط من تحته (٤) على أن الفعل لله جل ذكره، وفي الكلام حذف.
والمعنى: نوصل إليهم أجور أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا، وهو ما يرزقون فيها من الصحة والرزق على ما فسر (٥).
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)﴾:
(١) نسبت إلى الحسن - رحمه الله -. انظر الكشاف ٢/ ٢١٠. والبحر المحيط ٥/ ٢١٠.
(٢) آية (٣٠).
(٣) تقدم هذا الشاهد برقم (١٢٠).
(٤) قرأها طلحة، وميمون بن مهران. انظر المحرر الوجيز ٩/ ١١٩. والدر المصون ٦/ ٢٩٦.
(٥) الكشاف ٢/ ٢١٠. وهو معنى قول الضحاك كما في الطبري ١٢/ ١٢.
(٢) آية (٣٠).
(٣) تقدم هذا الشاهد برقم (١٢٠).
(٤) قرأها طلحة، وميمون بن مهران. انظر المحرر الوجيز ٩/ ١١٩. والدر المصون ٦/ ٢٩٦.
(٥) الكشاف ٢/ ٢١٠. وهو معنى قول الضحاك كما في الطبري ١٢/ ١٢.