وقوله: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ (كلما) ظرف لقوله: ﴿لَعَنَتْ﴾، أي: لعنت أختها التي ضلت بالاقتداء بها، وهي أختها في الملة لا في النسب على ما فسر (١).
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا﴾ (حتى) غاية للعنِها أختها، وأصل اداركوا: تداركوا، فأدغمت التاء في الدال بعد أن قلبت وأسكنت ليصح إدغامها فيها، ثم اجتلبت ألف الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن، وعلى الأصل قرأ بعض القراء: (تداركوا) (٢)، ومعناه: تلاحقوا.
وقرئ أيضًا: (حتى إذا ادَّركوا) بغير ألف بعد الدال (٣)، والأصل ادتركوا فالتاء على هذه القراءة بعد الدال، وهو افتعلوا من درك، كاقتتلوا من قتل، فأدغمت الدال في التاء بعد قلبها دالًا.
وقرئ أيضًا: (حتى إذا إداركوا) بقطع همزة الوصل (٤) من اداركوا في الدَّرْجِ على نية الوقف على ما قبلها، والابتداء بها إجراء للوصل مجرى الوقف.
وقرئ أيضًا: (حتى إذا اداركوا) بإثبات ألف إذا مع سكون الدال من ادّاركوا (٥) على إجراء المنفصل مجرى المتصل، نحو: دابة وشابة، ونحوه قولهم: (لاها اللهِ ذا) بإثبات ألف ها وترك حذفها لالتقاء الساكنين، كما حذفت في قول من قال: (لاها للهِ ذا).
وعن الشيخ أبي علي الفارسي رحمه الله: أنه قال: فيها أربع لغات: (لاها لله ذا) بحذف الألف، و (لا هآ الله ذا) بمدها تشبيهًا بالمتصل نحو: دابة على
(٢) هي قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -، والأعمش، ورويت عن أبي عمرو. انظر إعراب النحاس ١/ ٦١١. والمحتسب ١/ ٢٤٧. والمحرر الوجيز ٧/ ٥٧.
(٣) نسبها ابن عطية ٧/ ٥٧. والسمين الحلبي ٥/ ٣١٤ إلى مجاهد. وكلاهما حكاها عن مكي.
(٤) رواية عن أبي عمرو. انظر المحتسب ١/ ٢٤٧. والمحرر الوجيز ٧/ ٥٦.
(٥) نسبت إلى مجاهد، وحميد. ويحيى، وإبراهيم. انظر المحتسب ١/ ٢٤٧ - ٢٤٨ وضبطت فيه كما هنا.