وأصله: تزتري، والدال بدل من التاء؛ لأن الزاي مجهورة والتاء مهموسة، وهما ضدان، والضدان لا يجتمعان، فلما كان كذلك أبدل منها الدال؛ لأنها مجهورة لتؤاخي الزاي في الجهر، والتاء في المخرج. ومفعوله محذوف، أي: تزدريهم أعينكم.
﴿قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ﴾ قيل: معناه: أردت جدالنا وشرعت (١) فيه فأكثرته.
وقرئ: (فأكثرت جَدَلنا) (٢).
قال أبو الفتح: هو اسم بمعنى الجدال والمجادلة، وأصل (ج د ل) في الكلام للقوة (٣). ومعناه: القدرة على الخصم بالقوة، ومنه الجدل وهو شدة الفتل، ومنه قيل للصقر أَجدَلُ؛ لأنه من أشد الطير، والجدال والمجادلة كلاهما مصدر جادلت.
﴿وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ هذا على التقديم والتأخير، أي: إن أراد الله إغواءكم لم ينفعكم نصحي.
﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)﴾:
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأيوب السختياني. انظر معاني النحاس ٣/ ٣٤٥. وإعرابه ٢/ ٨٨. والمحتسب ١/ ٣٢١. والمحرر الوجيز ٩/ ١٣٨.
(٣) المحتسب الموضع السابق.