وقوله: ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا﴾ (تبتئس) تفتعل من البؤس وهو الحزن مع استكانة، و (ما) موصولة.
وقيل: إنه لما دعا عليهم حزن واغتم، فقيل له: لا تبتئس بما كانوا يفعلون، أي: دع بسبب ما كانوا يفعلونه من الكفر الحزنَ عليهم، فإنهم كفرة فلا تحزن لهلاكهم.
﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ (بأعيننا) في موضع الحال من المنوي في (اصنع)، أي: اصنعها محفوظًا. قيل: وحقيقته ملتبسًا بأعيننا، كأن لله معه أعينًا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وألّا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه (١).
﴿وَوَحْيِنَا﴾ عطف على ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ أي: بما أوحينا إليك من صفتها، لأنه لم يعلم كيف صَنْعَتُها؟ فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢).
﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ﴾ (كلما) ظرف لـ ﴿سَخِرُوا﴾، و ﴿قَالَ﴾ استئنتاف على تقدير سؤال سائل.
وقد جوز أن يكون ﴿سَخِرُوا﴾ بدلًا من ﴿مَرَّ﴾، أو صفة لـ ﴿مَلَأٌ﴾، و ﴿قَالَ﴾ عاملًا في (كلما).
وقوله: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ﴾ حكاية حال ماضية.

(١) الكشاف ٢/ ٢١٥.
(٢) أخرجه الطبري ١٢/ ٣٤. وجؤجؤ الطائر والسفينة: صدرها. (الصحاح).


الصفحة التالية
Icon