إلى أن جاء وقت الموعد، وما بينهما حال من (يصنع)، كأنه قال: يصنعها والحال أنه كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه.
والثاني: أنها غاية لقوله: ﴿قُلْنَا﴾، بمعنى: لَمَّا جاء أمرنا بنزول العذاب وفار التنور الذي جعلناه علامة لمجيء العذاب، قلنا لنوح احمل في السفينة.
وقوله: (من كُلِّ زوجين اثنين) قرئ: بترك التنوين في (كلِّ) (١) على الإضافة على تقدير: احمل فيها اثنين من كل زوجين، فـ ﴿اثْنَيْنِ﴾ مفعول ﴿احْمِلْ﴾، و ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ﴾ صفة له، فلما قُدِّم عليه نصب على الحال.
قال الشيخ أبو علي: ويجوز في قياس قول أبي الحسن أن يكون الجار والمجرور في موضع نصب، وتكون (من) زائدة في الإيجاب، كما تكون زائدة في غير الإيجاب (٢). يعني أن مفعول ﴿احْمِلْ﴾: ﴿كُلٍّ﴾، و ﴿اثْنَيْنِ﴾ توكيد لـ ﴿زَوْجَيْنِ﴾.
وقرئ: بالتنوين في (كلٍّ) (٣) على أن مفعول ﴿احْمِلْ﴾: ﴿زَوْجَيْنِ﴾، و ﴿اثْنَيْنِ﴾ توكيد له، والتقدير: احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء، ثم حذف المضاف إليه ونَوّن، كما حذف وَنَوّن في قوله: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ (٤).
و(أَهْلَكَ): عطف على مفعول احمل، وهو ﴿اثْنَيْنِ﴾، أو ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ﴾، أو ﴿زَوْجَيْنِ﴾ على ما ذكر آنفًا.
وكذلك ﴿وَمَنْ آمَنَ﴾: عطف على أحد المذكورات، أي: واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم.
(٢) الحجة ٤/ ٣٢٩.
(٣) قرأها عاصم في رواية حفص وحده. انظر السبعة/ ٣٣٣/. والحجة ٤/ ٣٢٤. والمبسوط/ ٢٣٩/. والتذكرة ٢/ ٣٧١.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٥.