وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ (مَن) في موضع نصب على الاستثناء من الأهل، وهو متصل، استثنى سبحانه مِن أهله مَن سبق عليه القول أنه مِن أهل الهلاك.
وَمِنْ بِدَعِ الأقاويلِ قول من قال: إن (أهلك) فعل ماض مسند إلى الله جل ذكره، أي: أهلك الله كلهم إلّا من سبق عليه القول (١).
﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا﴾ جعل السفينة مركوبًا لهم؛ لأنها تحملهم فجرت لذلك مجرى المركوب من الدواب، فهي مفعول اركبوا.
وقيل: المفعول محذوف وهو الماء، أي: اركبوا الماء فيها، فحذف للعلم به (٢).
وقوله: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾: لك أن تجعل ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ حالًا من الواو في ﴿ارْكَبُوا﴾ بمعنى: اركبوا فيها قائلين بسم الله، أو متبركين باسمه، ففي اسم الله ذكر يعود على المأمورين.
والمجرى والمرسى: يصلحان أن يكونا مصدرين، وأن يكونا وقتين، وأن يكونا مكانين، وهما ظرفا ما في ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ من معنى الفعل، أي: اركبوا فيها قائلين أو متبركين باسم الله وقت إجرائها وإرسائها، أو وقت جريها ورسوها، على قدر القراءتين (٣) ثم حذف منهما الوقت، كما حذف من قولهم: آتيك مقدم الحاج، وخفوق النجم، وخلافة فلان (٤). أو مكانهما.
(٢) حكى الرازي ١٧/ ١٨٢ هذا القول عن الواحدي.
(٣) يعني الصحيحتين في (مجراها) بفتح الميم من جرى وهي للكوفيين، أو بضمها من أجرى وهي للباقين. ولم يختلفوا في (مُرساها) أنها بضم الميم.
(٤) أي وقت قدوم الحاج و | وانظر كتاب سيبويه ١/ ٢٢٢. |