ولا يجوز أن يكونا ظرفي ﴿ارْكَبُوا﴾؛ لأنه لم يُرِد اركبوا فيها وقت الإجراء والإرساء أو الجري والرسو، إنما يريد اركبوا الآن فيها قائلين، أو متبركين باسمه في الوقتين.
ولك أن تجعل ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ خبر مبتدأ، والمبتدأ هو ﴿مَجْرَاهَا﴾ هذا على رأي صاحب الكتاب، ولك أن ترفع ﴿مَجْرَاهَا﴾ بـ ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ على رأي أبي الحسن. وعلى المذهبين محل الجملة: النصب على الحال من الضمير الذي في ﴿فِيهَا﴾، وهو ضمير السفينة، كأنه قيل: اركبوا فيها مجراة مرساة بسم الله، أي: جامعة بينهما، وهي حال مقدرة كالتي في قوله عز وجل: ﴿آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ﴾ (١).
وجاز انتصاب هذه الحال عن ضمير السفينة، لما فيها من الذكر العائد إلى ذي الحال وهو الهاء في ﴿مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾، والعامل في الحال: اركبوا.
ولا يجوز أن تكون حالًا من الواو في ﴿ارْكَبُوا﴾ كما زعم بعضهم (٢)، لعدم العائد من الحال إلى ذي الحال؛ لأن الجملة إذا وقعت حالًا لا بد أن يكون فيها إما ذكر عائد، أو واو رابط، نحو: كلمته فُوْهُ إلى فِيَّ، وأتيتك وزيد قائم، فإذا خلت من ذلك لم تكن حالًا.
ولا يجوز أن ترفع ﴿مَجْرَاهَا﴾ بالظرف وتجعل الظرف حالًا من الواو في ﴿ارْكَبُوا﴾ كما زعم بعضهم (٣)، كما تجعله حالًا إذا لم ترفع به؛ لأنه لا ذكر فيه يرجع منها إلى ذي الحال، كما كان فيه في الوجه الأول، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض (٤).

(١) سورة الفتح، الآية: ٢٧.
(٢) هو العكبري ٢/ ٦٩٨ فقد أجاز ذلك.
(٣) هو العكبري أيضًا كما في الموضع السابق.
(٤) انظر في مثل هذا التحليل وهذه الأوجه: الحجة ٤/ ٣٣٠ - ٣٣٢. ومشكل مكي ١/ ٤٠٠ - ٤٠٣.


الصفحة التالية
Icon