قرأ: (يا أبتَ) بفتح التاء (١) في قول من قال: إن أصله يا أبتا، فحذف الألف تخفيفًا؛ لأن الفتحة تدل عليها.
و(أَبناه) بهمزة مفتوحة قبل الباء وألف بعد النون (٢) على الندبة والترثي.
قال أبو الفتح: يريد - يعني السدِّي قارئها - بها الندبة، وهو معنى قولهم: الترثي، وهو على الحكاية، أي: قال له: يا أبناه، على النداء، ولو أراد حقيقة الندبة لم يكن بد من أحد الحرفين: يا أبناه، أو وا أبناه، كقولك فيها: يا زيداه، أو وازيداه (٣)، يريد أن الندبة لا تكون بالهمزة.
وقوله: ﴿وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ﴾ المعزِل - بكسر الزاي - الموضع، وهو مَفْعِل من عزله عنه، إذا نحاه وأبعده، وفيه وجهان:
أحدهما: وكان في مكان بعيد عَزَلَ فيه نفسه عن أبيه؛ لأنه فارقه حين دعاه إلى الدين القيم.
والثاني: كان في معزل عن دين أبيه.
وبفتحها المصدر، كالعزل، ولم يثبت به رواية فيما اطلعت عليه.
وقوله: ﴿يَابُنَيَّ ارْكَبْ﴾ قرئ: (يا بُنَيِّ) بكسر الياء (٤)، والأصل: يا بُنَيِّي - بثلاث ياءات - الأولى منها ياء التصغير، والثانية لام الكلمة وهي واو أو ياء على الخلاف المذكور فيما سلف من الكتاب (٥)، والثالثة ياء النفْس، فأدغمت الأولى في الثانية وكسرت لأجل ياء النفس، وحذفت ياء النفس

(١) من سورة يوسف، الآية: ٤. وهي قراءة أبي جعفر، وابن عامر، وتُخرّج في موضعها إن شاء الله.
(٢) هذه قراءة السدي كما في المصادر السابقة أيضًا، لكنهم لم يحكوا أنها بهمزة فضلًا عن أنها مفتوحة في أوله، إلا أن كلام العكبري ٢/ ٦٩٩ يدل على وجودها، والله أعلم.
(٣) المحتسب ١/ ٣٢٣. وقد تقدمت ترجمة السدي.
(٤) هذه قراءة العشرة غير عاصم.
(٥) انظر إعراب الآية (١٤٦) من البقرة.


الصفحة التالية
Icon