عاصمًا جثة، وظرف الزمان كما لا يكون خبرًا عن الجثة كذلك لا يكون وصفًا لها ولا حالًا منها، ولا أن يكون خبرًا عنه كما زعم بعضهم لما ذكرت آنفًا.
ولا يجوز أن يتعلق ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ بعاصم، ولا أن يكون ﴿الْيَوْمَ﴾ معمولًا له، لأنه لو كان كذلك لكان مُنونًا، كقولك: لا مرورًا بزيد، ولا نزولًا على عمرو، فاعرفه.
وأن يكون معربًا منصوبًا بـ ﴿لَا﴾ مُضارعًا للمضاف، كقولك: لا حافظًا للقرآن عندك، فعلى هذا يكون التنوين فيه مقدرًا، وإنما حذف لالتقاء الساكنين، لأن اللام بعده ساكن، كقراءة من قرأ: (أحدُ اللهُ) (١) بطرح التنوين من أحد، لالتقاء الساكنين وهو أبو عمرو (٢)، فيكون خبر ﴿لَا﴾ على هذا محذوفًا، ويكون ﴿الْيَوْمَ﴾، و ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ معموليه، أي: لا عاصم اليوم من أمر موجود أو حاضر أو نحو ذلك، فاعرفه فإنه موضع.
والأول أمتن؛ لأن حذف التنوين على هذا الحد لا يكون في حال السعة والاختيار في الأمر العام، وأيضًا فإنه في "الإمام" بغير ألف.
واختلف في ﴿عَاصِمَ﴾:
فقيل: هو اسم فاعل على بابه بمنزلة ضارب وقاتل.
وقيل: هو بمعنى معصوم، كماءٍ دافق، أي: مدفوق.
وقيل: هو على معنى النسب بمعنى: لا ذا عصمة (٣).
فإذا فهم هذا، فقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ﴾ على الوجه الأول: فيه وجهان:

(١) سورة الإخلاص، الآيتان: ١ و ٢.
(٢) تأتي القراءة في موضعها وأخرجها هناك إن شاء الله.
(٣) انظر هذه الأقوال في معاني الزجاج ٣/ ٥٤. وإعراب النحاس ٢/ ٩٣. والمحرر الوجيز ٩/ ١٥٧. والتبيان ٢/ ٧٠٠.


الصفحة التالية
Icon