حيث الهلاك والموت ونحو ذلك، فهو باعد.
وهو على وجه الدعاء عليهم، كما تقول: بعدًا لفلان، وتبًا له، إذا دعوتَ عليه. واللام في ﴿لِلْقَوْمِ﴾ من صلة البعد.
﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ﴾ الضمير في (إنه) لأحد أربعة أشياء:
- إما لابن نوح عليه السلام وفيه وجهان:
أحدهما: في الكلام حذف مضاف، أي: إنه ذو عمل غير صالح وهو الكفر وكونه مع الكافرين.
والثاني: ليس في الكلام حذف، وإنما جعلت ذاته عملًا غير صالح مبالغة في ذمه، ولكثرة وقوعه منه. وكلا الوجهين شائع مستعمل في كلام القوم نظمهم ونثرهم.
- وإما لنداء نوح عليه الصلاة والسلام أي: إن نداءك هذا عمل غير صالح.
- وإما للسؤال، أي: إن سؤالك إياي تخليصه بعد كفره عمل غير صالح.
- وإما لما دل عليه قوله: ﴿ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾ (١)، أي: إن كونك مع الكافرين، وتركك الركوب معنا عمل غير صالح، فهذا وحده من قول نوح عليه السلام لابنه.
والوجه: أن يكون الضمير لابنه، تعضده قراءة من قرأ: (إنه عَمِلَ غَيْرَ