قلت: لأن (ما) تنفي ما في الحال، ولا تنفي ما في المستقبل، وإن الشرطية تختص بالمستقبل دون الحال، فلذلك تدخل على (لا) دون (ما) فاعرفه.
﴿قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قِيلَ يَانُوحُ﴾ اختلف في فاعل ﴿قِيلَ﴾ فقيل: ﴿يَانُوحُ﴾، وقيلَ: مضمر، والنداء مفسر له، أي: قيل قول، أو قيل هو يا نوح (١).
وقوله: ﴿اهْبِطْ﴾ الجمهور على كسر باء (اهبِط)، وقرئ: (اهبُط) بضمها (٢)، وهما لغتان.
وقوله: ﴿بِسَلَامٍ مِنَّا﴾ في موضع نصب على الحال من المنوي في ﴿اهْبِطْ﴾، أي: انزل من السفينة مسلَّمًا محفوظًا من جهتنا، أو مُسلَّمًا عليك مكرمًا.
و(بركاتٍ): عطف عليه، وحكمها في الإعراب حكمه، أي: ومباركًا عليك. والبركات: الخيرات النامية.
وقوله: ﴿وَعَلَى أُمَمٍ﴾ عطف على الكاف بإعادة الجار، لأن المضمر المجرور لا يعطف عليه إلا بإعادة العامل.
وقوله: ﴿مِمَّنْ مَعَكَ﴾ في موضع جر على النعت لأمم. و (مِن) هنا تحتمل أن تكون للتبعيض، يعضده قول ابن عباس - رضي الله عنهما - يريد: من ولدك (٣).
وأن تكون للبيان، أي: وعلى أمم مؤمنين ينشؤُون من الذين معك، أي من
(٢) كذا حكاها الزمخشري ٢/ ٢٢٠. وأبو حيان ٥/ ٢٣١. والسمين ٦/ ٣٣٩ دون نسبة، ونسبت في الشواذ/ ٦٠/ إلى عيسى.
(٣) انظر قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في زاد المسير ٤/ ١١٥ أيضًا.