ذراري مَن معك مِن الأولاد. وأن تكون لابتداء الغاية، أي: وعلى أمم ناشئة ممن معك، قيل: وهي الأمم إلى آخر الدهر، وهو الوجه (١).
وقوله: ﴿وَأُمَمٌ﴾ رفع بالابتداء، و ﴿سَنُمَتِّعُهُمْ﴾: نعت لـ (أمم)، والخبر محذوف دل عليه قوله: ﴿مِمَّنْ مَعَكَ﴾، أي: وممن معك أمم متمتعون بالدنيا منقلبون إلى النار.
وأجاز الفراء: و (أممًا) بالنصب على تقدير: ونمتع أممًا؛ لأن الجملة الأولى فعلية كقوله: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ (٢).
والرفع أجود، بل هو الوجه؛ لأن الأول فجل الأمر، والثاني خبر، بخلاف قوله: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾، فكان الاختيار الرفع لذلك، ليدل اختلاف الإعرابين على اختلاف اللفظين.
وقد جوز أن يكون: ﴿وَأُمَمٌ﴾ عطفًا على المنوي في ﴿اهْبِطْ﴾، وقد أغنى الفصل بينهما عن التأكيد (٣)، والوجه هو الأول.
﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ﴾ تلك) في موضع رفع بالابتداء ﴿مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ﴾ الخبر. و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض، و ﴿نُوحِيهَا﴾ خبر بعد خبر، وكذا ﴿مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ﴾.
والإشارة في ﴿تِلْكَ﴾ إلى قصة نوح عليه السلام. أي: تلك القِصَّةُ التي سبقت

(١) كذا في الكشاف ٢/ ٢٢٠. وهو قول محمد بن كعب كما في الطبري ١٢/ ٥٥. ومعاني النحاس ٣/ ٣٥٥.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٣٠، وانظر معاني الفراء ٢/ ١٨. وإعراب النحاس ٢/ ٩٥.
(٣) اقتصر العكبري ٢/ ٧٠٢ على هذا الوجه.


الصفحة التالية
Icon