وقرئ أيضًا: (الجُمَل) بضم الجيم وفتح الميم مخففة (١)، واختلف فيهما فقيل: كلاهما الحبل الغليظ من القِنَّب، وقيل: القَلْس الغليظ، والقَلْسُ: حبل ضخم من ليف أو خُوص من قُلُوس السُّفُن. وقيل: الحبل الذي يُصعد به إلى النخل، وقيل: الحبال المجموعة، وكله قريب بعضه من بعض (٢).
والوجه: قراءة الجماعة، لأن سم الخياط مَثَلٌ في ضيق المسلك، يقال: أضيق من خَرْتِ الإِبرة (٣).
والمعنى: لا يدخلون الجنة حتى يكون ما لا يكون البتة من ولوج هذا الحيوان الذي لا يلج إلَّا في باب واسع في ثقب الإِبرة.
وقرئ: (في سمّ الخياط) بالحركات الثلاث، وهي لغات (٤).
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي﴾ الكاف في موضع نصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: ومثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي المجرمين، أي: جزاء مثل ما وصفنا.
﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ﴾ أي: فراش. ﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾: أي أغشية، واحدها: غاشيةٌ، أي: غاشية فوق غاشية من أنواع العذاب، والأصل: غواشيُ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، وحذفت منه

(١) نسبت أيضًا إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وسعيد بن جبير بخلاف، وعبد الكريم، وحنظلة، ومجاهد بخلاف كذا في المحتسب ١/ ٢٤٩، والمصادر السابقة.
(٢) أخرج هذه الأقوال الطبري ٨/ ١٨٠ - ١٨١. والنحاس في معانيه ٣/ ٣٥ - ٣٦.
(٣) انظر هذا المثل في جمهرة العسكري ٢/ ٨. والمستقصى ١/ ٢٢٠.
(٤) الجمهور على فتح السين. وقرأ ابن سيرين بضمها. انظر معاني النحاس ٣/ ٣٦. والمحرر الوجيز ٧/ ٦٠ ونسبها ابن الجوزي ٣/ ١٩٨ إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -، وأبي رزين، وقتادة، وابن محيصن، وطلحة بن مصرف. وقرأ بالكسر: أبو حيوة، وأبو عمران الجوني، وأبو نهيك، والأصمعي عن نافع. انظر المحرر والزاد في الموضعين السابقين.


الصفحة التالية
Icon