الياء أيضًا لأجل أنه جمعٌ وبناءٌ ممتد، وجعلت الكسرة دليلًا عليها، والياء تحذف كثيرًا في المفرد نحو: القاض والغاز، وفي التنزيل: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ (١) ﴿الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ (٢) غير أن حذفها في المفرد جائز، وفي الجمع واجب؛ لأنه أثقل منه، فلما حذفت الياء منه نقص عن مثال مفاعل الذي هو أقصى الجمع، وصار على مثال جَنَاحٍ وشبهه في اللفظ لحقه التنوين كما لحق نحو: رجل وفرس.
وقيل: بل التنوين فيه عوض من الياء المحذوفة، والياء وإن كانت في تقدير الثبات بدليل وجودها في حال النصب إذا قلت: رأيت غواشيَ، فإن ما لا ينصرفُ إنما يراعى فيه اللفظ المانع من الصرف، فإذا زال اللفظ زال ما يمنع الصرف. وقيل: بل التنوين عوض من ذهاب حركة الياء، ولما حذفت الحركة وعوض منها التنوين حذفت الياء لالتقاء الساكنين (٣).
فالتنوين في ﴿غَوَاشٍ﴾ وشبهه مما هو على مثال مفاعل، في الأصل على الوجه الأول: تنوين الصرف، وعلى الثاني والثالث: عوض من المحذوف.
ويجوز الوقف عليه بغير ياء، وهو الوجه لأجل الإِمام مصحف عثمان - رضي الله عنه -، وبالياء (٤).
وقرئ: (غواشٌ) بالرفع (٥) على استئناف البناء، وهذه القراءة تعضد
(٢) سورة الرعد، الآية: ٩.
(٣) انظر في ياء (غواش) أيضًا: معاني الزجاج ٢/ ٣٣٨ - ٣٣٩. وإعراب النحاس ١/ ٦١٢. ومشكل مكي ١/ ٣١٥.
(٤) والمرجح أن الوقف بغير ياء. انظر معاني الزجاج الموضع السابق، والمحرر الوجيز ٧/ ٦١.
(٥) كذا هذه القراءة في الكشاف ٢/ ٦٢. والبحر ٤/ ٢٩٨ دون نسبة. ونسبها ابن خالويه في المختصر /٤٣/ إلى أبي رجاء.