ومررت به زيدٍ؛ لأن ضمير الغائب ليس فيه من البيان ما يستغنَى به عن الإيضاح، كما كان ذلك في ضمير المخاطب.
وقوله: ﴿حَمِيدٌ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: فعيل بمعنى مفعول.
والثاني: بمعنى فاعل، ومثله: ﴿مَجِيدٌ﴾.
﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا﴾ اختلف في جواب (لمّا):
فقيل: محذوف دل عليه ﴿يُجَادِلُنَا﴾، أي: أخذ أو أقبل أو شرع، و ﴿يُجَادِلُنَا﴾ على هذا حال من المستكن في إحدى هذه المذكورات (١).
وقيل: يجادلنا كلامٌ مستأنف دال على الجواب، والتقدير: اجترأ على خطابنا، أو فطن لمجادلتنا أو قال: كيت وكيت، ثم ابتدأ فقال: يجادلنا في قوم لوط. والمعنى يجادل رسلنا (٢).
وقيل: (يجادلنا) هو الجواب، وإنما جيء به مضارعًا لحكاية الحال، كقوله: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ (٣)، وقوله: ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ (٤).
وقيل: إن (لَمَّا) تَرُدُّ المضارعَ إلى معنى الماضي، كما ترد (إِنْ) الماضي
(٢) قدم الزمخشري ٢/ ٢٢٦ هذا القول.
(٣) سورة القصص، الآية: ١٥.
(٤) سورة الكهف، الآية: ١٨. وانظر هذا القول بدون الشاهدين في الكشاف ٢/ ٢٢٦.