وخبر. ولك أن تجعل ﴿تِلْكُمُ﴾ خبر مبتدأ محذوف، و ﴿الْجَنَّةُ﴾ نعتًا لتلكم، أي: هذه تلكم الجنة، والجملة في موضع رفع بخبر ﴿أَنْ﴾، و ﴿أَنْ﴾ وما اتصل بها من الاسم والخبر في موضع نصب بنُودوا لعدم الجار، أو جر على إرادته، أي: بأنّه، على الخلاف المذكور في غير موضع.
وأن تكون مفسرة بمعنى أي؛ لأنَّ المناداة من القول، كأنه قيل: وقيل لهم: تلكم الجنة (١).
قال أبو إسحاق: وإنما قيل ﴿تِلْكُمُ﴾؛ لأنهم وعدوا بها في الدنيا، فكأنه قيل لهم: هذه التي وعدتم بها، وجائز أن يكون عاينوها، فقيل لهم من قبل أن يدخلوها: ﴿تِلْكُمُ الْجَنَّةُ﴾ انتهى كلامه (٢).
و﴿أَنْ﴾ على هذا الوجه لا موضع لها من الإِعراب؛ لأنها مفسرة للنداء.
وقوله: ﴿أُورِثْتُمُوهَا﴾ هذه الجملة تحتمل أن تكون خبرًا بعد خبر، وأن تكون حالًا من ﴿تِلْكُمُ﴾ والعامل فيها ما في تلك من معنى الإِشارة، وتقدير الكلام وتحقيقه: هذه تلكم الجنة أشير إليها موروثة، فالضمير هو ذو الحال في الحقيقة لا الجنة، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب.
﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا﴾ (أن): تحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة، وموضعها نصب أو جر كالتي ذكرت آنفًا، وأن تكون مفسرة بمعنى أي، وقد ذكر.
وقوله: ﴿حَقًّا﴾ يحتمل أن يكون حالًا إن قدرتَ ﴿وَجَدْنَا﴾ بمعنى

(١) رجح الزجاج ٢/ ٣٤٠ هذا الوجه.
(٢) معاني الزجاج الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon