يجوز يا أبتي، فلا يجوز يا أبت، قلت: الياء والكسرة قبلها شيئان، والتاء عوض من أحد الشيئين وهو الياء، والكسرة غير مُتَعَرَّضٍ لها، فلا يجمع بين العوض والمعوض منه إلَّا جمع بين التاء والياء لا غير، إلا ترى إلى قولهم: يا أبتا، مع كون الألف فيه بدلًا من الياء، كيف جاز الجمع بينها وبين التاء ولم يعد ذلك جمعًا بين العوض والمعوض منه، فالكسرة أبعد من ذلك.
ثم قال: فإن قلت: فقد دلت الكسرة في يا غلامِ على الإضافة؛ لأنَّها قرينة الياء ولصيقتها، فإن دلت على مثل ذلك في يا أبت فالتاء المُعَوَّضَةُ لغوٌ، وجودها كعدمها. قلت: بل حالها مع التاء كحالها مع الياء إذا قلت: يا أبي، انتهى كلامه (١)
وقرئ: (يا أبتَ) بفتحها (٢)، وفيه أربعة أوجه:
أحدهما: على إقحام الهاء كقوله:
٣١٦ - كِلِيني لِهَمٍّ يا أُمَيْمةَ ناصِبِ......................... (٣)
ومعنى هذا أنه حذف التاء التي هي عوض من الياء، كما تحذف تاء طلحة في الترخيم، وأتى بتاء أخرى مكانها، أَوْ رَدَّ المحذوفة وحركها بحركة ما قبلها، ولم يعتد بالهاء، وأقحمها كما أقحمها من قال: يا طلحة، والأصل: يا طلح، ثم الحق الهاء وجعلها على لفظ آخر الاسم، أعني الحاء، فقال: يا طلحةَ أقبل، بالفتح.
والثاني: أنه حركها بحركة الياء المعوض منها في قولك: يا أبي.
(٢) قرأها ابن عامر، وأبو جعفر من العشرة، وانظرها مع قراءة الباقين في السبعة / ٣٤٤/. والحجة ٤/ ٣٤٤. والمبسوط / ٢٤٤/. والتذكرة ٢/ ٣٧٨. والنشر ٢/ ٢٩٣.
(٣) من مطلع قصيدة للنابغة الذبياني، وعجزه:
......................... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وهو من شواهد سيبويه ٢/ ٢٠٧. والفراء ٢/ ٣٢. والنحاس في الإعراب ٢/ ١٢١. والزجاجي في الجمل / ١٧٢/. وانظر الإفصاح / ١٠٨/. وشرح ابن يعيش ٢/ ١٠٧.