وقوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾: أي: بمصدق لنا.
﴿وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾: جواب (لو) محذوف، أي: ولو كنا عندك من أهل الصدق والثقة ما صَدَّقْتنا، لشدة محبتك ليوسف وأنت مسيء الظن بنا، غير واثق بقولنا؟.
﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ (بدم) من صلة ﴿وَجَاءُوا﴾، ﴿عَلَى قَمِيصِهِ﴾ في موضع نصب على الحال من (دم) أي: وجاؤوا بدم كذب كائنًا على قميصه، هذا على قول من جوز [تقديم] (١) حال المجرور عليه، وهو أبو الحسن. وأما على قول من لم يجوز فهو من صلة (جاؤوا) ومحله النصب على الظرف، كأنه قيل: وجاؤوا فوق قميصه (٢)، وهذا هو الوجه، لأن حال المجرور لا تتقدم عليه عند صاحب الكتاب رحمه الله تعالى وموافقيه (٣)؛ لأحد الشيئين: إما لأجل الفصل بها بين الفعل وما هو جزء من الفعل وهو الجار، أو لإيقاع التابع حيث لا يصح وقوع المتبوع، كالعامل والمعمول، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
و﴿كَذِبٍ﴾ صفة (لدم) أي: بدم ذي كذب، فحذف المضاف أو وصف بالمصدر مبالغة، كأنه نفس الكذب وعينه، وكلا الوجهين حسن شائع في كلام القوم. وقيل: بدم مكذوب فيه، تسمية للمفعول بالمصدر كخَلْقِ الله، وصَيْدِ الصائدِ (٤).
(٢) هذا إعراب وتقدير الزمخشري ٢/ ٢٤٦.
(٣) انظر كتاب سيبويه ٢/ ١٢٤.
(٤) انظر معاني الزجاج ٣/ ٩٦. ومعاني النحاس ٣/ ٤٠٤. والمحرر الوجيز ٨/ ٢٦٤.