أحدهما: في موضع ضم، لأنه منادى مقصود، كقولك: يا رجل، وعلى الألف ضمة مقدرة.
والثاني: في موضع نصب لأنه شائع لا يراد به شيء بعينه، كقول الأعمى: يا رجلًا خذ بيدي، وقوله: ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾ (١)، وإنما لم يدخله التنوين، لأنه لا ينصرف.
وقرئ: (يا بشريّ) بقلب الألف ياء وإدغامها في ياء النفس (٢)، لأن ما يضاف إلى ياء النفس يحرك بالكسر إذا كان صحيحًا أو جاريًا مجراه، نحو: غلامي ولَحْيِي، فلما لم تحتمل الألف الكسرة قربت من الياء بقلبها إليها، وهي لغة للعرب فاشية، ويقولون في دعائهم: يا سيدي وموليّ (٣). وفي حديث طلحة - رضي الله عنه -: "فوضعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ" (٤). فاعرفه.
وقوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ قيل: الضمير المرفوع للمدلي وأصحابه أخفوه من الرفقة. وقيل: أخفوا أمره ووجدانهم له في الجُبِّ، وقالو لهم: دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر. وقيل: إن الضمير لأخوة يوسف كتموا أنه أخوهم، وقالوا للرفقة: هذا غلام لنا قد أَبَقَ فاشتروه منا، وتابعهم على ذلك مخافة أن يقتلوه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٥).

(١) سورة يس، الآية: ٣٠.
(٢) نسبت إلى ابن أبي إسحاق، والجحدري، وأبي الطفيل، ورويت عن الحسن. انظر إعراب القراءات السبع ١/ ٣٠٦ - ٣٠٧. والمحتسب ١/ ٣٣٦. ومشكل مكي ١/ ٤٢٤. والمحرر الوجيز ٩/ ٢٦٧. ونسبها ابن الجوزي ٤/ ١٩٤ إلى أبي رجاء، وابن أبي عبلة.
(٣) في (ب) و (ط): مولاي. وهو تحريف لما أثبته. وانظر الكشاف ٢/ ٢٤٧. حيث نسبت هذه اللغة لأهل السروات. وهي لغة هذيل كما في معاني الفراء ٢/ ٣٩. ولغة طيء كما في جامع البيان ١٢/ ١٦٧. والنهاية ٤/ ٩٤.
(٤) انظر حديث طلحة - رضي الله عنه - في الفائق ٣/ ٤٣١. والنهاية ٤/ ٩٤. والُّلجُّ: السيف.
(٥) انظر هذه الأقوال وغيرها في جامع البيان ١٢/ ١٦٨ - ١٦٩. وصَوَّب الطبري الأول. وانظر النكت والعيون ٣/ ١٧.


الصفحة التالية
Icon