و ﴿بِضَاعَةً﴾: نصب على الحال من الضمير المنصوب العائد إلى يوسف عليه السلام، أي: أخفوه متاعًا للتجارة، أو: مبضوعًا، والبضاعة: ما بُضِعَ من المال للتجارة، أي: قُطِعَ، ومنه المبضع، لأنه يبضع به العِرْق.
وقيل: بضاعة مفعول ثان بمعنى: أَسَرَّ أخوتُه أنه أخوهم جاعليه بضاعة.
وقيل: تمييز. والوجه هو الأول وعليه الجل (١).
﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ أي: باعوه، والثمن ثمن المبيع، والبخس: مصدر بمعنى المبخوس تسمية للمفعول بالمصدر كضَرْبِ الأمير، وخَلْقِ الله، أي: بثمن مبخوس، أي: منقوص، أي: ذي بخسٍ، أو وُصِفَ بالمصدر مبالغة، كأنه نَفس البخس وعينه.
و﴿دَرَاهِمَ﴾: بدل من ثمن، ﴿مَعْدُودَةٍ﴾ صفة للدراهم، أي: دراهم لا دنانير، قليلة تعد عدًا ولا توزن، قيل: وعبر عن القلة بكونها معدودة، لأنهم كانوا لا يَزِنون إلا ما بلغ الأوقية - وهي أربعون درهمًا - ويعدون ما دونها (٢).
وقوله: ﴿فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ (فيه) من صلة محذوف، كأنه قيل: في أي شيء زهدوا؟ فقال زهدوا فيه، ثم بين فقال: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾. ولا يجوز أن يكون من [صلة] (٣) الزاهدين، لأن ما كان من صلة الموصول لا يتقدم عليه، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب (٤).
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٤٠. وجامع البيان ١٢/ ١٧٢.
(٣) ساقطة من (أ). و (ب).
(٤) ذكره كثيرًا. انظر آخر إعراب الآية (١٣٠) من سورة البقرة. والموصول هنا هو (أل) التي في (الزاهدين).