وقرئ في غير المشهور: (وإذا قلبت أبصارهم) (١).
﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ﴾ (ما): يحتمل أن يكون استفهامًا في موضع نصب بـ ﴿أَغْنَى﴾، وأن يكون نفيًا، فيكون مفعول ﴿أَغْنَى﴾ محذوفًا.
﴿وَمَا كُنْتُمْ﴾ (ما): في موضع رفع بالعطف على ﴿جَمْعُكُمْ﴾ وهي وما بعدها في تأويل المصدر، أي: ما أغنى عنكم كثرةُ عددكم واستكباركم عن الحق وعلى الناس شيئًا.
﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ﴾ (أهؤلاء) مبتدأ وخبره ﴿الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ﴾ والهمزة للتقرير والتوبيخ، والإِشارة إلى أهل الجنة الذين كان الرؤساء من الكفار يستهزئون بهم في الدنيا، ويحتقرونهم لفقرهم وقلة حظوظهم من الدنيا، ويزعمون أن لا حظ لهم في الآخرة، ويقسمون على ذلك على ما فسر (٢)، فـ ﴿لَا يَنَالُهُمُ﴾ هو المقسم عليه، كأنه قيل: يا أهل النار: أهؤلاء الذين أقسمتم عليهم بأن لا ينالَهم الله برحمته؟
وقوله: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ الجمهور على البناء للفاعل، وقرئ: (أُدْخِلُوا) على البناء للمفعول (٣)، وهو فعل ماض، أي: فُعل ذلك بهم.
(٢) انظر الكشاف ٢/ ٦٤. وحكى ابن الجوزي ٣/ ٢٠٨ هذا المعنى عن ابن السائب. وفي الآية أقوال أخرى انظرها في جامع البيان، والمحرر الوجيز.
(٣) هي قراءة طلحة بن مصرف كما في إعراب النحاس ١/ ٦١٥. والمحتسب ١/ ٢٤٩. ونسبها ابن عطية ٧/ ٧٠ إلى ابن وثاب، والنخعي أيضًا.