بالرد، فاعرف الفرقان بين الرفع والنصب من جهة المعنى والتقدير، وهو قول أبي الفتح وتقديره (١).
وقيل: إن ﴿أَوْ﴾ على قراءة النصب بمعنى حتى، أي: يشفعوا لنا حتى نردّ (٢).
وقيل: بمعنى إلَّا أن نُرَدّ (٣).
وقوله: ﴿فَنَعْمَلَ﴾ منصوب على جواب الاستفهام أيضًا.
وقرئ: (فنعملُ) بالرفع مع نصب (نردَّ) (٤) بمعنى: فنحن نعمل، وبالرفع مع رفع (نردُّ) (٥) على أنهم تمنوا الشفعاء والرد أيضًا، وتمنوا إن ردّوا أن يوفقوا لعمل ما لم يكونوا يعملونه.
وقد جوز أن يكون ﴿فَنَعْمَلَ﴾ عطفًا على ﴿نُرَدُّ﴾ لفظًا والمراد به الجواب، كقوله - عز وجل -: ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾ (٦)، قال فيه أبو الحسن: إنهم إنما تمنوا الرد وضمنوا ألا يكذبوا، وهذا يوجب النصب؛ لأنه جواب التمني، قال: إلا أنَّه عطف في اللفظ والمراد به الجواب، وشبَّهَهُ بقول الله - عز وجل -: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ (٧) بالجر، قال: فهي في اللفظ معطوفة على المسح، وفي المعنى معطوفة على الغُسل، قال: ونحو جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ، انتهى كلامه (٨).

(١) المحتسب ١/ ٣١٠.
(٢) قاله الفراء ١/ ٣٨٠. وحكاه عنه ابن عطية ٧/ ٧٤. وجوزه الزمخشري ٢/ ٦٥.
(٣) قاله النحاس ١/ ٦١٦.
(٤) كذا ذكرها الزمخشري ٢/ ٦٥ عن الحسن.
(٥) كذا ذكرها النحاس ١/ ٦١٦ ونسبها إلى الحسن. وتابعه عليها هكذا ابن عطية ٧/ ٧٤.
(٦) سورة الأنعام الآية: ٢٧.
(٧) سورة المائدة، الآية: ٦ وهي على قراءة صحيحة تقدّمت في موضعها.
(٨) النص كما هو في المحتسب ١/ ٢٥٢ عن أبي الحسن.


الصفحة التالية
Icon