﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي﴾ اسم الله جل ذكره خبر إن، و ﴿الَّذِي﴾ نعت له، ويجوز في الكلام نصب اسم الله على البدل من اسم إن، ويكون ﴿الَّذِي﴾ خبر إن.
وقوله: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ يحتمل أن يكون في محلّ النصب على الحال من المستكن في ﴿خَلَقَ﴾ أي: مُغْشِيًا، أو مُغَشِّيًا الليل والنهار، على قدر القراءتين (١)، أو من المستكن في ﴿اسْتَوَى﴾ أي: خلقهما في هذه الحال، أو: استوى عليه في هذه الحال. وأن يكون مستأنفًا.
و﴿اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ كلاهما مفعول لـ ﴿يُغْشِي﴾، ويغشى: فعل يتعدى إلى مفعول واحد، بشهادة قوله: ﴿وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ (٢) ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ (٣)، فإذا نقل بالهمزة أو بالتضعيف تعدى إلى اثنين، وفي القرآن: ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ (٤)، فهذا منقول بالهمزة كما ترى، والمفعول الثاني محذوف، أي: فأغشيناهم العمى، وفيه: ﴿فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾ (٥)، وهذا منقول بتضعيف العين، و (ما) في موضع نصب بأنّه المفعول الثاني، وكان قبل النقل يَغْشَى الليلُ النهارَ، فلما نقل بالهمزة أو بالتضعيف صار الفاعل
(٢) سورة إبراهيم، الآية: ٥٠.
(٣) سورة طه، الآية: ٧٨.
(٤) سورة يس، الآية: ٩.
(٥) سورة النجم، الآية: ٥٤.