بالكتاب: السورة، وبالذي أنزل: القرآن كله، و ﴿الْحَقُّ﴾ على هذا خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحق الذي لا مزيد عليه لا هذه السورة وحدها.
والثاني: الجر: إما على النعت للكتاب، وادخلت الواو في النعت كما دخلت في "النازلين والطيبين" (١) كأنه جمع بين كونه كتابًا وكونه منزلًا، وإما على العطف على الكتاب أو على ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على إعرابه، كقولهم: "ما كلُّ سوداءَ تمرةً، ولا بيضاءَ شحمةً" (٢). وكقراءة من قرأ: (تريدونَ عَرَضَ الدنيا واللهُ يريدُ الآخرةِ) بجر الآخرة (٣).
ويجوز في الكلام جر (الحق) على النعت للرب (٤)، ولا ينبغي لأحد أن يقرأ به، لأن القراءة سنة متبعة.
﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿اللَّهُ الَّذِي﴾ اسم الله رفع بالابتداء، وخبره ﴿الَّذِي﴾، بشهادة قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ﴾ (٥). ولك أن تجعل ﴿الَّذِي﴾ صفة لاسم الله (٦).
لا يبعدن قومي الذين هم... سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك... والطيبين معاقد الأزر
(٢) مثل من أمثال العرب يضرب في موضع التهمة، واختلاف أخلاق الناس، وأنه ليس كل ما أشبه شيئًا هو ذاك الشيء. وانظره في كتاب سيبويه ١/ ٦٥. وجمهرة الأمثال ٢/ ٢٢٩. وشرح الحماسة للمرزوقي ١/ ١٥٥. ومجمع الأمثال ٢/ ٣٠٧. والمستقصى ٢/ ٣٢٨.
(٣) من سورة الأنفال آية (٦٧). وقد تقدمت هذه القراءة في موضعها.
(٤) أجازه الفراء ٢/ ٥٨. والزجاج ٣/ ١٣٥. والنحاس في الإعراب ٢/ ١٦٣. ولكن كلهم أجازه خفضًا نعتًا لـ (الذي). ووافق المؤلف العكبري ٢/ ٧٤٩ في كونه نعتًا للرب.
(٥) من الآية التي بعدها.
(٦) أجاز الزمخشري ٢/ ٢٧٩ هذا الوجه.