وقوله: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ في موضع نصب على الحال من ﴿السَّمَاوَاتِ﴾، أي: رفعها خالية من عمد، أو من الضمير في ﴿تَرَوْنَهَا﴾ علي أن الضمير للسموات، فعلى هذا يحسن الوقف على ﴿السَّمَاوَاتِ﴾، و ﴿تَرَوْنَهَا﴾ على هذا كلام مستأنف استشهادٌ برؤيتهم لها كذلك، ولا محل له من الإعراب على: وأنتم ترونها كذلك، أو في محل النصب على الحال من ﴿السَّمَاوَاتِ﴾، أي: رفعها مرئية خالية عن عمد، فلا وقف على ﴿السَّمَاوَاتِ﴾.
وقيل: الضمير في ﴿تَرَوْنَهَا﴾ للعمد، فيكون في موضع جر على النعت لعمد، أي: رفعها بغير عمد مرئية، تعضده قراءة من قرأ: (ترونه) بتذكير الضمير، وهو أُبي بن كعب - رضي الله عنه - (١). ويكون المعنى على هذا: إن هنا عمدًا ولكن لا ترونها، فأثبت العمد ونفى رؤيتها.
واختلف في العمد على هذا الوجه، فقيل: هي قدرة الله جل ذكره (٢). وقيل: هي جبل قاف (٣).
والعَمَدُ بفتح العين والميم يحتمل أن يكون جمع عماد، كإهاب وأَهَب (٤)، وأن يكون جمع عمود كأديم وأَدَم (٥).
وقرئ: (بغير عُمُدٍ) بضمتين (٦)، وهو جمع عمود، كرسول ورُسُل، أو جمع عماد، ككتاب وكُتُب، وكلاهما جمع كثرة، وأما جمع القلة: فأعمدة، فاعرفه.

(١) انظر قراءته أيضًا في الكشاف ٢/ ٢٧٩. والمحرر الوجيز ١٠/ ٥.
(٢) قاله الزجاج ٣/ ١٣٦ والرازي ١٨/ ١٨٦.
(٣) انظر هذا القول في معالم التنزيل ٣/ ٥. والمحرر الوجيز ١٠/ ٥. وزاد المسير ٤/ ٣٠١. ومفاتيح الغيب ١٨/ ١٨٦. قالوا: وقاف جبل من زبرجد محيط بالدنيا، والسماء عليه مثل القبة. وانظر الصحاح (قوف).
(٤) الإهاب الجلد ما لم يدبغ.
(٥) الأديم الجلد المدبوغ.
(٦) قرأها يحيى بن وثاب كما في المحرر الوجيز ١٠/ ٦. وأبو حيوة كما في زاد المسير ٤/ ٣٠١. وهي إلى الاثنين في البحر ٥/ ٣٥٩.


الصفحة التالية
Icon