وقوله: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ التسخير: التذليل.
وقوله: ﴿كُلٌّ يَجْرِي﴾ ابتداء وخبر، والتنوين عوض من المضاف إليه، أي: كل واحدٍ منهما.
وقوله: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ كلاهما مستأنف، وقد جوز أن يكون الأول حالًا من المنوي في (سخر)، والثاني: حالًا من المستكن في ﴿يُدَبِّرُ﴾، ولك أن تجعل كليهما حالًا من المستكن (١) في (سخر)، على قول من جوز حالين من ذي حال واحد. والجمهور على الياء فيهما النقط من تحته، والمنوي فيهما لله تعالى، وقرئ: (ندبر ونفصل) بالنون فيهما (٢) على وجه الإخبار عن الله جل ذكره بلفظ الجمع تفخيمًا وتعظيمًا.
﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ﴾ أي: بسطها طولًا وعرضًا، والمد، والبسط، والدحو نظائر في اللغة.
وقوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ (فيها) يحتمل أنه يكون من صلة (جعل)، أي: وخلق فيها جبالًا ثوابت، والرواسي: الثوابت، واحدها راسية. وأن يكون حالًا من ﴿رَوَاسِيَ﴾ لتقدمه عليها وتقول في رفع (رواسي) أو جرها: رواسٍ، كغواشٍ وجوارٍ، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب موضَّحًا (٣).

(١) من (ب). وفي (أ): المستتر. وفي (ط): المنوي. وكلها واحد.
(٢) هي قراءة الحسن كما قال أبو عمرو والداني. انظر المحرر الوجيز ١٠/ ٧. والذي في مختصر الشواذ/ ٦٦/. والكشاف ٢/ ٢٧٩. والإتحاف ٢/ ١٥٩ أن الحسن قرأ: (ندبر) فقط بالنون. وفي المحرر أيضًا أن الحسن قرأ (نفصل) فقط بالنون. ورواها الخفاف وعبد الوهاب عن أبي عمرو، وهبيرة عن حفص. والكلمتان بالنون فيهما نسبها ابن الجوزي في زاد المسير ٤/ ٣٠١ إلى أبي رزين، وقتادة، والنخعي. وانظر البحر المحيط ٥/ ٣٦٠.
(٣) انظر إعرابه للآية (٤١) من الأعراف.


الصفحة التالية
Icon