وقوله: ﴿وَأَنْهَارًا﴾ عطف عليها، وهو جمع نهر، وهو سيل الماء الجاري، وهو من أنهرت الطعنة، إذا وَسَّعتها، قال:

٣٥١ - مَلَكْتُ بِها كفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها يَرى قَائِمٌ مِن دُونِها ما وراءها (١)
وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾: يحتمل أن يكون عطفًا على ما قبله معمولًا لعامله، على معنى: وخلق فيها من جميع أنواع الثمرات، ثم استأنف فقال: جعل فيها زوجين، أي: صنفين حلوًا وحامضًا، وأسود وأبيض، وصغيرًا وكبيرًا، وحارًا وباردًا، وما أشبه ذلك من الأصناف على ما فسر (٢). وأن يكون متعلقًا بالفعل الثاني [وهو جعل] ومعمولًا له، على: وجعل فيها زوجين اثنين من جميع أصناف الثمرات.
فالوقف على الوجه الأول: على ﴿الثَّمَرَاتِ﴾، وعلى الثاني: على (أنهارًا). ولك فيه وجه ثالث: وهو أن تجعله حالًا من ﴿زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ لتقدمه عليهما.
و﴿اثْنَيْنِ﴾ توكيد لزوجين، والزوج هنا: الفرد، وهو الواحد الذي له قرين، لأن الزوج يكون اثنين، ولذلك قيد هنا بقوله: ﴿اثْنَيْنِ﴾: ليعلم أن المراد بالزوج هنا الفرد.
وقوله: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ (يغشي) يحتمل أن يكون مستأنفًا، وأن يكون حالًا من المنوي في (جعل). والمُغشِي هنا هو الله جل ذكره، يُلْبِس
(١) البيت لقيس بن الخطيم. وانظره في سؤلات نافع بن الأزرق/ ٧٥/. والمعاني الكبير ٢/ ٩٧٨. وتأويل مشكل القرآن/ ١٣٣/. وسمط اللآلي ٢/ ٨٩٥. وشرح ديوان الحماسة ١/ ١٨٤ ومعنى البيت متصل بما قبله، وهو قوله:
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر لها نفذ لولا الشعاع أضاءها
يقول: شددت بهذه الطعنة كفي، ووسعت خرقها حتى يرى القائم من دونها الشيء الذي وراءها. (من شرح المرزوقي).
(٢) انظر النكت والعيون ٣/ ٩٣. ومعالم التنزيل ٣/ ٦. والكشاف ٢/ ٢٧٩. وزاد المسير ٤/ ٣٠٢.


الصفحة التالية
Icon