وقوله: ﴿فِي الْأُكُلِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة (نفضل)، وأن يكون حالًا من ﴿بَعْضَهَا﴾، أي: مأكولًا، على البناء للمفعول. وقرئ: بضم الكاف وإسكانها (١). وهو ثمر النخل والشجر، وكل ما يؤكل فهو أُكل، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (٢).
﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ الفاء جواب الشرط وما بعده مبتدأ وخبر، فالمبتدأ: ﴿قَوْلُهُمْ﴾، والخبر: (عَجَبٌ).
وقوله: ﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا﴾ (إذا) منصوب وعامله محذوف دل عليه ﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ تقديره: أنبعث إذا كنا ترابًا؟ ثم حذف لدلالة ما بعده عليه، ولا يجوز أن يكون العامل فيه ﴿كُنَّا﴾ لوجهين:
أحدهما: أن (إِذا) مضاف إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف.
والثاني: أن القوم لم ينكروا كونهم ترابًا، وإنما أنكروا البعث بعد كونهم ترابًا، ولا جديد في قوله: ﴿لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾، لأن ما بعد (إنْ) لا يعمل فيما قبله، ومن قرأ: (إِذا) على الخبر (٣) كان تقديره: لا نبعث إذا كنا ترابًا، لأنهم أنكروا البعث، فدل إنكارهم على هذا الحذف.
ومحل قوله: ﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا﴾ إلى منتهى قولهم - وهو ﴿جَدِيدٍ﴾ - إما الرفع
(٢) ذكره عند إعراب آية "البقرة" المشار إليها في التخريج السابق.
(٣) اختلف القراء في قوله تعالى: أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد. فمنهم من قرأه جميعًا بالاستفهام، ومنهم من يهمز أحدهما فقط. انظر التفصيل في السبعة ٣٥٧ - ٣٥٨. والمبسوط ٢٥٢ - ٢٥٣.