إلى الخفة بالفتح (١).
قال أبو الفتح: وأصل هذا كله المَثُلات بفتح الميم وضم الثاء، يقال: أمْثَلْتُ الرجل من صاحبه إِمْثَالًا، وأَقْصصْتُهُ منه إِقْصَاصًا، بمعنىً واحدٍ، والاسم: المِثال، كالقِصاص (٢).
وقوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ محل ﴿عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ النصب على الحال من (الناس) والعامل المغفرة، أي يغفر لهم مع ظلمهم أنفسهم، بمعنى ظالمين لأنفسهم.
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ ابتداء وخبر.
وقوله: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أن ﴿هَادٍ﴾ رفع بالابتداء والظرف خبره وهو (لكل قوم)، أو بالظرف على رأي أبي الحسن. والهادي هو الله جل ذكره، على معنى: إنما أنت منذر فما عليك إلا أن تنذر لا أن تُثَبِّتَ الإيمان في صدورهم، ولست بقادر عليه. ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ قادر على هدايتهم بما يريد.
والثاني: أن ﴿هَادٍ﴾ معطوف على ﴿مُنْذِرٌ﴾، على: إنما أنت منذر وهاد لكل قوم، وفي هذا الوجه فصل بين العاطف والمعطوف بالظرف، يعضد هذا الوجه قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: ولكل قوم نبي يهديهم إلى الإيمان والطاعة بما يعطي الله من الآيات لا بما يريد (٣).

(١) ذكر النحاس وجهًا آخر في تعليلها فقال: تأتي بالفتحة عوضًا من الهاء.
(٢) المحتسب ١/ ٣٥٣.
(٣) هذا القول لأبي إسحاق الزجاج ٣/ ١٤٠ وآخره: لا بما يريدون ويتحكمون فيه. ولم أجد من نسبه إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -. والذي ورد عن ابن عباس وهو قول عكرمة، وأبي الضحى أن المنذر والهادي هو رسول الله - ﷺ -، وهذا يتفق مع المعنى الذي ساقه المؤلف رحمه الله =


الصفحة التالية
Icon