نفسه والظاهر في الطرقات والمستخفي في الظلمات في علم الله تعالى سواء (١).
وقيل: المعنى: مستخف بعمله في الليل ومظهر له في النهار، أي: لا يخفى عليه المُخْفَى من العمل ولا المُظْهَرُ منه (٢).
﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ ابتداء وخبر، واختلف في الضمير في ﴿لَهُ﴾، فقيل: لله جل ذكره. وقيل: لـ (مَن) في قوله: ﴿مَنْ أَسَرَّ﴾ (٣)، كأنه قيل: لمن أسر، ومن جهر، ومن استخفى، ومن سرب معقباتٌ، أي: جماعة من الملائكة - في قول الجمهور - يعتقبون، يأتي بعضهم عقيب بعض.
والأصل مُعْتَقِبات، فأدغمت التاء في القاف بعد أن نقلت حركتها إلى العين. ويجوز في الكلام أن تحذف حركة التاء وتكسر العين لالتقاء الساكنين، فتقول: مُعِتْقبات، ولا ينبغي لأحد أن يقرأ به لأن القراءة سنة متبعة. والتاء فيها لتأنيث الجماعة، والواحد معقب. وقال الجوهري: وإنما أنث لكثرة ذلك منهم، والتاء فيها للمبالغة كنسّابةٍ وعلّامةٍ (٤). فالواحد على قوله معقبة. وقيل: معقبة صفة للجمع، ثم جمع على ذلك فتكون جمع الجمع، أي: جماعات منهم (٥).
(٢) انظر هذا المعنى في جامع البيان ١٣/ ١١٣ - ١١٤. والنكت والعيون ٣/ ٩٧.
(٣) انظر القولين في جامع البيان ١٣/ ١١٤ - ١١٧. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢١. والتفسير الكبير ١٩/ ١٥. وفي الهاء قولان آخران انظرهما في زاد المسير ٤/ ٣١٠.
(٤) الصحاح (عقب). وهو للأخفش ٢/ ٤٠٣ قبله.
(٥) انظر معاني الفراء ٢/ ٦٠. وجامع البيان ١٣/ ١٢٢.