هو، فيكون (هو) مرتفعًا بأنه فاعل البلوغ، وأظهرته لجريه على غير من هو له، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
و(ما) حجازية ليس إلا، لدخول الباء في الخبر، وقد ذكر في غير موضع فيما سلف من الكتاب (١).
وقوله: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ المصدر مضاف إلى الفاعل، والمفعول محذوف وهو المعبود سوى الله، أو الله جل ذكره، على معنى: وما دعاؤهم الأصنام أو الله إلا في ضياع لا يجدي نفعًا، لأنهم إن دعوا لمعبود سوى الله لم يستطع إجابتهم، وإن دعوا الله لم يجبهم.
﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (١٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ (من) في موضع رفع على الفاعلية.
﴿طَوْعًا وَكَرْهًا﴾: مصدران في موضع الحال مِنْ ﴿مَنْ﴾ أي: طائعين وكارهين، وقد اضطربت أقاويل العلماء في معنى هذه الآية (٢)، وأجود ما قيل فيها: أنهم ينقادون لِمَا أراده فيهم من أفعاله شاؤوا أو أبوا، لا يقدرون أن يمتنعوا عليه (٣). والسجود في اللغة هو الخضوع.
وقوله: ﴿وَظِلَالُهُمْ﴾ في ارتفاعه وجهان:
أحدهما: ارتفع بالعطف على ﴿مَنْ﴾ على معنى: وتنقاد له ظلالهم أيضًا، حيث تتصرف على مشيئته في الامتداد والتقلص، والفيء والزوال.
(٢) فمنهم من قال: إن (طوعًا) هو سجود المؤمن، و (كرهًا) هو سجود الكافر. ومنهم من قال: إن (طوعًا) سجود من أسلم رغبة، وأن (كرها) سجود من أسلم رهبة، وهو قول ابن زيد. انظر جامع البيان ١٣/ ١٣١. وانظر قولين آخرين في النكت والعيون ٣/ ١٠٤.
(٣) كذا لخصها الزمخشري ٢/ ٢٨٤.