أخبر عنها هناك بالخلق كذلك يحمل عليه هنا فينصب، و ﴿مُسَخَّرَاتٍ﴾ نصب على الحال منهن.
وقرئ: بالرفع فيهن (١) على الاستئناف، فالشمس مبتدأ وما بعده عطف عليها، والخبر (مسخراتٌ).
وقوله: ﴿بِأَمْرِهِ﴾ متعلق بـ ﴿مُسَخَّرَاتٍ﴾، أي: خلقهن جاريات بمقتضى حكمته وتدبيره. ومعنى تسخيرهن: تذليلهن لما يراد منهن على حسب إرادة المدبر فيهن، ولما ذكر أنَّه خلقهن مسخرات بأمره قال: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ أي: هو الذي خلق الأشياء، وهو الذي صرفها على حسب إرادته.
﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ انتصبا على الحال من الضمير في ﴿ادْعُوا﴾، أي: أدعوه ذوي تضرع وخفية، وكلاهما مصدر، أو متضرعين ومخفين.
والتضرع: تفعّل من الضراعة، وهو الخضوع والذل، يقال: ضَرَعَ فلان ضَراعةً، إذا خضع وذلّ، وأَضْرَعَهُ غيرُه، وفي المثل: الحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لَكَ (٢).
والخفية: خلاف العلانية، وقرئ: (خُفية) و (خِفية) بضم الخاء وكسرها (٣)، وهما لغتان حكاهما أبو الحسن، قال: فالخُفْيَةُ: الإِخفاءُ، والخِيفَةُ: الخوفُ والرهبةُ (٤).

(١) قرأها ابن عامر وحده. وانظر القراءتين في السبعة/ ٢٨٢/. والحجة ٤/ ٢٨. والمبسوط/ ٢٠٩/.
(٢) الصحاح (ضرع). والمثل يضرب للأمر يضطر صاحبه إلى الخضوع، وهو لعمرو بن معد يكرب قاله لسيدنا عمر - رضي الله عنه -. انظر القصة في جمهرة الأمثال ١/ ٢٨٢ - ٢٨٣.
(٣) الجمهور على ضم الخاء غير عاصم في رواية أبي بكر قرأ بكسرها. انظر السبعة / ٢٨٣/. والمبسوط/ ١٩٦/.
(٤) حكاهما عنه أبو علي في الحجة ٤/ ٢٩ - ٣٠.


الصفحة التالية
Icon