وقوله: ﴿وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ اختُلِف في محل ﴿ذِكْرَى﴾ على ثلاثة أوجه:
أحدهما: النصب وفيه وجهان:
أحدهما: بإضمار فعلها، كأنه قيل: لتنذر به وتذكر تذكيرًا، فوضع الذكرى موضعه. والثاني - بالعطف على محل ﴿لِتُنْذِرَ﴾ حملًا على معناه، أي: أنزل للإِنذار وذكرى، كقولك: جئتك للإِحسان وشوقًا إليك.
والثاني: الرفع عطفًا على ﴿كِتَابٌ﴾، أو بأنه خبر مبتدأ محذوف، أي: وهو ذكرى.
والثالث: الجر عطفًا على محل ﴿لِتُنْذِرَ﴾، أي: أنزل إليك للإِنذار وللذكرى، وقيل: عطف على الضمير في ﴿بِهِ﴾، وفيه ما فيه لكونه عطفًا على الضمير من غير إعادة الجار (١).
﴿وَذِكْرَى﴾ مصدر كالرجعى، وألفها للتأنيث، ولذلك لم ينصرف.
واللام في ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ متعلق بناصب ﴿ذِكْرَى﴾ على الوجه الأول، وبـ ﴿ذِكْرَى﴾ على ما عدا الوجه الأول.
﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ في موضع نصب على الحال إما من ﴿مَا﴾، وإما من المستكن في ﴿أُنْزِلَ﴾، ويحتمل أن يكون متعلقًا بـ ﴿أُنْزِلَ﴾. والمراد بالمنزل: القرآن وسنة الرسول - ﷺ - على ما فسر (٢).

(١) قاله أبو البقاء ١/ ٥٥٦، وهو مبني على قول الكوفيين في جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وقد تقدمت هذه المسألة أكثر من مرة، وانظر الإنصاف مسألة (٦٥).
(٢) انظر معاني الزجاج ٢/ ٣١٦. ومعاني النحاس ٣/ ٨. والكشاف ٢/ ٥٢.


الصفحة التالية
Icon