وعن الحسن: يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة محمد - ﷺ -، والله ما نزلت آية إلَّا وهو يحب أن تعلم فيم أنزلت؟ وما معناها (١)؟ وفي هذا دليل على ترك اتباع الآراء مع وجود النصوص (٢).
وقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ (من دونه) يحتمل أن يكون متعلقًا بالنهي، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أن تجعله حالًا من ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ لتقدمه عليه، وقد ذكر نظيره في غير موضع.
والضمير في ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ للرب جل ذكره على معنى: ولا تتولوا من دونه ممن هو مخلوق مثلكم. وقيل: لـ ﴿مَا أُنْزِلَ﴾ على معنى: ولا تتبعوا من دون دين الله دين أولياء (٣).
والجمهور على قوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا﴾ من الاتباع، وقرئ: (ولا تبتغوا) (٤) من الابتغاء ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا﴾ (٥)، وكلتاهما متقاربتان في المعنى.
وقوله: ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ (قليلًا) منصوب بـ ﴿تَذَكَّرُونَ﴾، أي: تذكَّرون تذكرًا قليلًا، أو وقتًا قليلًا. و ﴿مَا﴾ صلة لتوكيد القلة، ولا يجوز أن تكون مصدرية، كما زعم بعضهم (٦)؛ لأن معمول ما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه، وقد ذكر نظيره فيما سلف (٧).

(١) حكاه الزمخشري ٢/ ٥٢ عن الحسن.
(٢) كذا قال القرطبي ٧/ ١٦١ أيضًا.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٥٢.
(٤) نسبت إلى مالك بن دينار رحمه الله. انظر معاني النحاس ٣/ ٩. والكشاف ٢/ ٥٢. ونسبها ابن عطية ٧/ ٧ إلى مجاهد.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ٨٥.
(٦) هو الفارسي في الحجة ٤/ ٦. والنحاس في إعرابه ١/ ٥٩٩. وحكاه ابن عطية ٧/ ٧ عن الفارسي.
(٧) انظر إعراب قوله تعالى: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٨٨].


الصفحة التالية
Icon