وقرئ: (تَذَّكَّرون) بالتشديد (١)، على إدغام التاء في الذال، و (تَذَكَّرون) بالتخفيف (٢)، على حذفها، و (يتذكرون) بياء وتاء (٣)، على معنى: قليلًا ما يتذكر هؤلاء القوم يا محمد، هذه قراءات الجمهور.
وقرئ أيضًا: (يذَّكرون) بياء والتاء مدغمة (٤)، و (تتذكرون) بتاءين (٥)، على الخطاب والكلمة على أصلها.
﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ (كم) خبرية في موضع رفع بالابتداء لاشتغال الفعل بالضمير. و ﴿مِنْ قَرْيَةٍ﴾ تبيين، و ﴿مِنْ﴾ صلة، والخبر ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾، أو نصب بفعل مضمر بعدها يفسره هذا الظاهر وهو (أهلكنا) تقديره: وكم من قرية أهلكنا أهلكناها، وإنما قدر الفعل بعدها؛ لأن لها صدر الكلام وإن كانت خبرية لكونها محمولة على رُبّ، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا.
وقوله: ﴿فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا﴾ الفاء للعطف، وفي الكلام حذف مضاف، أي: فجاء أهلها، وإنما حذف للعلم به، والمعنى: وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا، كقوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ (٦)، وقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ﴾ (٧) وإنما احتيج إلى هذا التقدير؛ لأن الإِهلاك إنما هو بعد مجيء البأس. وذكر مجيء البأس ومعه الفاء، وهي كما علمت توجب
(٢) قرأها الكوفيون غير أبي بكر.
(٣) قرأها ابن عامر وحده. انظر هذه القراءات في السبعة/ ٢٧٨/. والحجة ٤/ ٥. والمبسوط/ ٢٠٧/. والتذكرة ٢/ ٣٣٩.
(٤) نسبها أبو حيان ٤/ ٢٦٨ إلى مجاهد.
(٥) رواية عن ابن عامر كما في السبعة /٢٧٨/. والحجة ٤/ ٥. ونسبها أبو حيان ٤/ ٢٦٨ إلى أبي الدرداء، وابن عباس - رضي الله عنهم -.
(٦) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٧) سورة النحل، الآية: ٩٨.