و (غيره) قرئ: بالحركات الثلاث (١): فالرفع على المحل إمَّا على البدل، كقوله: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾ (٢)، فكما أن قوله: (إلا الله) بدل من قوله: (ما من إله)، كذلك يكون قوله: ﴿غَيْرُهُ﴾ بدلًا من ﴿إِلَهٍ﴾، ويكون (غير) في موضع إلا، كأنه قيل: ما لكم من إله إلَّا الله، أو على النعت، كأنه قيل: ما لكم إلهٌ غيره، والجر على الصفة على اللفظ، والنصب على الاستثناء بمعنى: ما لكم من إله إلَّا إياه، كقولك: ما في الدار من أحد غير زيد، بمعنى إلَّا زيدًا.
وقوله: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ قيل: اليوم العظيم يوم القيامة، أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان (٣)، ووصف اليوم بالعظيم والمراد عِظَمُ ما فيه.
﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٦٠) قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ﴾ الملأ: الأشراف والسادة، قيل: سموًا بذلك؛ لأنهم يملؤون الصدور بعظم شأنهم (٤).
وقيل: الرجال ليس معهم نساء (٥)، سموا بذلك لأنهم يملؤون المحافل.
ومحل ﴿مِنْ قَوْمِهِ﴾ النصب على الحال من الملأ، أي: كائنين منهم.
وقوله: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ﴾ الرؤية هنا تحتمل أن تكون من رؤية القلب، وأن تكون من رؤية العين، أو من الرأي الذي هو الاعتقاد.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٦٢.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٦٧.
(٤) انظر معاني الزجاج ١/ ٣٢٥. ومعاني النحاس ٣/ ٤٦.
(٥) هذا قول الفراء ١/ ٣٨٣. والطبري ٨/ ٢١٣.