فقد جوز أن توصل (أَنْ) بفعل الأمر كما توصل بالخبر كما ترى لما ذكرتُ فاعرفه، فتكون على هذا الوجه في موضع نصب على تقدير: بأن أَخْرِج، وقد ذكر في غير موضع، وعلى الوجه الأول: لا موضع لها من الإعراب.
وقوله: ﴿وَذَكِّرْهُمْ﴾ عطف على ﴿أَخْرِجْ﴾.
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ المصدر مضاف إلى الفاعل، و ﴿عَلَيْكُمْ﴾ يحتمل أن يكون متعلقًا به، وأن يكون حالًا منه، بمعنى: اذكروا نعمة الله مستقرة عليكم.
وقوله: ﴿إِذْ أَنْجَاكُمْ﴾ يحتمل أن يكون ظرفًا للنعمة بمعنى الإنعام، أي اذكروا إنعامه عليكم ذلك الوقت، وأن يكون ظرفًا للمقدر في ﴿عَلَيْكُمْ﴾ من معنى الاستقرار إذا جعلته حالًا، والفصل بين الوجهين: أنك إذا جعلت ﴿عَلَيْكُمْ﴾ متعلقًا بالنعمة بمعنى الإنعام لم يكن فيه ذكر، ولم يعمل في الظرف، وإن جعلته حالًا من النعمة وأردت بالنعمة العطية، كان فيه ذِكَرٌ، وعَمِلَ في الظرف، فاعرفه فإن فيه أدنى إشكال.
وقد جوز أن يكون ﴿إِذْ﴾ بدلًا من نعمة الله، أي: اذكروا وقت إنجائكم، وهو من بدل الاشتمال (١).
وقوله: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ محلها النصب على الحال من ﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾، وكذا ﴿وَيُذَبِّحُونَ﴾ حال أخرى عطف على الأولى.

(١) أجازه الزمخشري ٢/ ٢٩٤.


الصفحة التالية
Icon