السكيت (١): وقع في بَلِيَّةٍ (٢). وحرف التعريف لا يمنع المصدر من عمله في المفعول به خصوصًا في الظرف، لأن الظرف تكفيه رائحة الفعل.
ولك أن تجعله معمول الاستقرار الحاصل في الخبر، وهو ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ﴾، أي: مستقر عليهم اليوم، ولا يمنع ذلك الفاصل بينهما - وهو المعطوف - لاتساعهم في الظرف.
﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ قرئ: بالتاء والياء (٣)، ووجههما ظاهر، ومعناه: تقبض أرواحهم بأمر خالقها.
وقوله: ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ حال من المفعول، والأصل: ظالمين، حذفت النون للإضافة، والمعنى: وهم قد ظلموا أنفسهم بكفرهم أو بإقامتهم بمكة وتركهم الهجرة على ما فُسِّرْ، وذلك أن عكرمة (٤) قال: نزلت في قوم من أهل مكة أسلموا وأقاموا بمكة ولم يهاجروا، فأخرجهم المشركون كرهًا إلى بدر لقتال رسول الله - ﷺ - فَقُتِلُوا هناك مع المشركين (٥).
وقوله: ﴿فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ انتصاب ﴿خَالِدِينَ﴾ على
(٢) تهذيب إصلاح المنطق / ٧٧٠/. والمشوف المعلم ١/ ٢٤١. وحكاه عنه الجوهري (خزي).
(٣) قرأ حمزة وخلف بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. انظر السبعة / ٣٧٢/. والحجة ٥/ ٦٢. والمبسوط / ٢٦٣/.
(٤) هو أبو عبد الله القرشي، مولى ابن عباس - رضي الله عنهما -، علّامة، حافظ، مفسر، بربري الأصل، حدّث عن كثير من الصحابة. توفي بالمدينة سنة أربع ومائة.
(٥) أخرجه الطبري ١٤/ ٩٩. وانظر النكت والعيون ٣/ ١٨٦.