الحال من الضمير في ﴿فَادْخُلُوا﴾. و ﴿فِيهَا﴾ أي: في جهنم. وقيل: في الأبواب. والمراد بها الدركات (١).
﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَاذَا﴾ منصوب بـ ﴿أَنْزَلَ﴾ بمعنى: أي شيء أنزل؟ بشهادة نصب الجواب وهو قوله: ﴿خَيْرًا﴾. قيل: وإنما نصب هذا ورفع الأول، فرقًا (٢) بين جواب المقر وجواب الجاحِد، وذلك أن المشركين لم يكونوا مقرين بالإنزال بخلاف المؤمنين، لأنهم كانوا مقرين به، فلذلك قالوا: ﴿خَيْرًا﴾ بالنصب على تقدير: أنزل خيرًا. والمراد بالخير: القرآنُ، وسمي خيرًا لكونه جامعًا لجميع الخيرات.
وقوله: ﴿وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ اختلف في المخصوص بالمدح، فقيل: محذوف، وفيه وجهان:
أحدهما: ولنعم دار المتقين دار الآخرة، و ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ على هذا إما خبر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: أي دار هي هذه الممدوحة؟ فقيل: جنات عدن، أي: هي جنات عدن؛ أو مبتدأ والخبر ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾.
والثاني: ولَنِعْمَ دار المتقين الدنيا يتزودون منها لِلْآخِرَةِ، وهذا عن الحسن رحمه الله تعالى (٣).
(٢) كذا (فرقًا) في المخطوط والمطبوع. والقول هنا للزمخشري ٢/ ٣٢٧ والكلمة فيه (فصلًا). وكذا حكاها عنه أبو حيان ٥/ ٤٨٧. والسمين الحلبي ٧/ ٢١٤. والله أعلم.
(٣) انظر قول الحسن في النكت والعيون ٣/ ١٨٧. وزاد المسير ٤/ ٤٤٣. والأول للزجاج ٣/ ١٩٦. وذكره الماوردي دون نسبة.