جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)}:
قوله عز وجل: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ أي: ما يكرهونه لأنفسهم من البنات، والجعل هنا: الحكم، أي: يحكمون لله بما يكرهونه لأنفسهم.
وقوله: ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ﴾ الجمهور على فتح الكاف والباء وكسر الذال في الكذب، وهو مفعول (تصف)، والوصف هنا القول، و ﴿أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى﴾ بدل من الكذب، لأنه في المعنى هو، أي: يقولون ذلك وهو كذب.
وقرئ: (الْكُذُبُ) بضم الكاف والذال والباء (١)، على أنه صفة الألسنة، وهو جمع كَذُوبٍ كَغُفُر في جمع غفور، ومفعول (تصف): ﴿أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى﴾. واللسان يُذَكّرُ ويجمع على ألسنة، ويؤنث ويجمع على ألسن.
وقوله: ﴿مُفْرَطُونَ﴾ قرئ: بفتح الراء وكسرها مخففًا (٢)، فالفتح على ترك تسمية الفاعل بمعنى: مُقَدَّمُونَ إلى النار معجلون إليها (٣)، من أَفْرَطْتُ القوم أَفْرُطُهُمْ فَرْطًا، إذا سبقتهم إلى الماء.
وقيل: متروكون منسيون (٤)، من أفرطته خلفي، إذا تركته ونسيته، ومنه
(٢) قرأ نافع، والكسائي في رواية قتيبة: (مفْرِطون) ساكنة الفاء خفيفة الراء مكسورة. وقرأ الباقون عدا أبي جعفر: (مفْرَطون) مفتوحة الراء خفيفة. انظر السبعة / ٣٧٤/. والحجة ٥/ ٧٣. والمبسوط / ٢٦٤/. والتذكرة ٢/ ٤٠١.
(٣) هذا قول قتادة كما في جامع البيان ١٤/ ١٢٨. وقول الحسن كما في معاني النحاس ٤/ ٧٩.
(٤) هذا قول سعيد بن جبير وغيره كما في المصدرين السابقين، ورجحه الإمام الطبري، واقتصر عليه الفراء ٢/ ١٠٧. وأبو عبيدة ١/ ٣٦١.