أَمْرٌ فَرْطٌ، أي: متروك. والمكسور: على البناء للفاعل، وإسناد الفعل إليهم بمعنى: مبالغون في الإساءة متجاوزون في المعاصي، من أَفْرَطَ فلانٌ في كذا، إذا جاوز فيه الحد (١).
وقرئ: بهما مشددًا (٢)، فالمفتوح بمعنى: متروكون، من فَرَّطه، إذا تركه، والمكسور بمعنى: مقصرون، من فَرَّطَ في كذا، إذا قصّر فيه، وهو: تفريطهم فيما يلزمهم من أوامر الله عز وجل، [ومنه]: ﴿فَرَّطْتُمْ﴾ (٣) أي: قصرتم في أمره.
﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤) وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً﴾ معطوفان على موضع ﴿لِتُبَيِّنَ﴾، كأنه قيل: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا بيانًا وهدى ورحمة، أي: للبيان والهدى والرحمة، لأن من شرط المفعول له أن يكون فعلًا لفاعل الفعل المعلل، وإنما دخل اللام في قوله: ﴿لِتُبَيِّنَ﴾ لأنه فعل المخاطب، لا فعل المُنَزِّل، وعطف عليه ما هو فعل المنزل على تقدير ما ذكر آنفًا، فاعرفه (٤).
(٢) قرأ أبو جعفر بن القعقاع: (مفَرِّطون) بكسر الراء مشددًا. انظر إعراب النحاس ٢/ ٢١٤ - ٢١٥. والمبسوط / ٢٦٤/. وهي قراءة ابن أبي عبلة أيضًا كما في زاد المسير ٤/ ٤٦١. وقرأ الأعرج، ورواها الوليد بن مسلم عن ابن عامر: (مفَرَّطون) بفتح الراء مشددًا. انظر المصدرين الأخيرين السابقين. كما نسبت هذه القراءة إلى أبي جعفر، انظر إعراب النحاس الموضع السابق. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٠٣.
(٣) كذا في (أ) و (ب) وفي (ط): ومنه (فرطتم) فكأنه إشارة إلى الآية الكريمة ﴿وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٠].
(٤) انظر هذا الوجه في الكشاف ٢/ ٣٣٤. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٠٣. والتبيان ٢/ ٨٠٠ وصرح النحاس ٢/ ٢١٥. وتبعه مكي ٢/ ١٧. وابن الأنباري ٢/ ٧٩: بأنهما مفعولان لأجلهما.