وقوله: ﴿يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ (مِن) عند أبي الحسن مزيدة (١)، أي: يدعوكم إلى الإيمان ليغفر لكم ذنوبكم، أو يدعوكم لأجل مغفرة ذنوبكم، كما تقول: دعوته لينصرني، ودعوته ليأكل معي.
وعند صاحب الكتاب: للتبعيض (٢)، والمفعول محذوف، أي: شيئًا من ذنوبكم، وفيه وجهان:
أحدهما: هو ما بينهم وبين الله بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها.
والثاني: هو ما سلف قبل الإيمان.
وقال الرماني: ﴿مِنْ﴾ للبدل (٣)، أي: لتكون المغفرة بدل الذنوب، كقوله: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ (٤).
و﴿وَيُؤَخِّرَكُمْ﴾ عطف على ﴿لِيَغْفِرَ﴾.
وقوله: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ ﴿إِنْ﴾ بمعنى (ما). و ﴿مِثْلُنَا﴾ صفة لـ ﴿بَشَرٌ﴾، وكذا ﴿تُرِيدُونَ﴾ صفة بعد صفة.
﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (أن نأتيكم) اسم كان، و ﴿لَنَا﴾ خبرها. و ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة
(٢) كتاب سيبويه ٤/ ٢٢٥. وانظر مذهبه في المحرر الوجيز ١٠/ ٦٨ أيضًا.
(٣) حكاه الماوردي ٣/ ١٢٦ دون نسبة.
(٤) سورة التوبة، الآية: ٣٨